السياسة بين الثوريث السياسي وتوريث الشهادة
د.نسيب حطيط
الوراثة السياسية من ركائز الحكم في العالم وبلادنا من الوراثة الملكية والقبلية إلى إلى الوراثة الحزبية (الديمقراطية) والوراثة يمارسها الرجعي كما واليساري واليميني!
نادراً ما ذاق الزعماء طعم توريث الشهادة لأبنائهم وأحفادهم بل إنحازوا للتوريث السياسي مباشرة أو مداورة ،فمنهم من يعين ولي العهد قبل موته ومنهم من يعينه بالإنتخاب الحزبي والمفبرك لتأمين إستمرارية العائلة ومن موقعه الممارس لخطيئة التوريث ينتقد الآخرين لأنهم يمارسون التوريث السياسي ويطلب إعطاء الشعوب حقوقها...!
بعد الغارة الصهيونية على المقاومين الشهداء في القنيطرة طفت ظاهرة وراثة الشهادة حيث إلتحق اثنين من الشهداء بأبائهم الشهداء... جهاد عماد مغنية وعلي حسن إبراهيم ، للتأكيد أن الشهادة ليست غرامة على المقاومين الفقراء والطيبين، بل بالقادة وكان بينهما أولاد الأمناء العامين للمقاومة حسين عباس الموسوي وهادي حسن نصرالله وإلتحق والد الشهيد حجازي بولده وتكررت ظاهرة أمهات الثلاثة شهداء اوشهيدين!
بعض أبناء الزعماء وكذلك المسؤولين على ضفاف المقاومة يفاخرون بملكيات أبنائهم من الشقق والسيارات والتجارة والحسابات المصرفية وبعض القادة يفاخر بشهادة أبنائهم وعدد العمليات التي خاضوها والدماء التي أودعوها في حسابهم عند الله سبحانه وتعالى ويعيش مجتمعنا وبيئة المقاومة ثقافتين متناقضين مع أنهما من جذر واحد وساحات وشوارع واحدة ...ثقافة الحياة بأي وسيلة بهدف اللذة المادية والوجاهة.وثقافة الشهادة لحفظ الحياة والآخرة .
والسؤال المطروح... هل مسؤولية المقاومة حمايتنا أم مسؤوليتنا حماية المقاومة ؟
يتعامل البعض مع المقاومة من منطلق العتاب الدائم لأنها سببت له الضرر والخسارة لأنها تدافع عن الأرض والأهل .. والبعض الآخر يعيش في دائرة الحياد وكأنه خارج التأثر بالوقائع وهذا موقف سلبي كما قال الإمام علي (ع) "المحايد شخص لم يناصر الباطل لكن المؤكد أنه خذل الحق" وما تبقى فإنهم يناصرون المقاومة وينخرطون في صفوفها ويشكلون جدار الحماية والأهلية لها.
الإنقسام الوطني الزم البعض بتسمية شهداء المقاومة " قتلى "و عمليات المقاومة إعتداء على إسرائيل و يتضامن مع قتلى شارلي إيبدو ولا يتضامن مع شهداء جبل محسن أوالمقاومة ،فنقول لهؤلاء أن المقاومة تحميكم بدون أن تطلبوا وتحمي تجارتكم جامعاتكم ومؤسساتكم الدستورية وحياتكم... أنسيتم إحتلال العدو لبيروت ووفرضه لرئيس الجمهورية وإتفاق 17 آيار.. فهل ترغبون بالعودة لذل الإحتلال .... ألا ترون ما يعانيه الفلسطينيون تحت الإحتلال بما فيهم الإخوة المسيحيين وكنيسة المهد وإحتفالات الميلاد !
نحن مرآة المقاومة لتشخيص عيوبها وثغراتها لحمايتها ، فكل إختراق لصفوفها هو إختراق لأمننا وكل إنحراف لأحد مسؤوليها بمثابة خيانة للشهداء ولنا ، فنحن أمها وأبوها وهي حصننا ومنظومة الحماية المتبادلة ثابتة ،فشهداء المقاومة ليسوا شهداء عائلاتهم، إنهم شهداؤنا الذين يمنحونا الحرية والعزة والكرامة... ومع ذلك فإن بعض الصغار يعاتبون الشهيد لماذا تبذل دمك... ويعاتبون المقاوم الطالب لماذا تترك جامعتك وتحمينا والعامل لماذا تعطل عملك وتحمينا ...
المقاومة لا تطلب شيئاً من أحد ...... لكن أن تصل الوقاحة والفجور بالبعض ليتعاطوا مع الشهداء والمقاومين بأنهم متهمون ،فهذا ظلم كبير...
نحن مع النقد لتصويب المسار والسلوك وتحصين المقاومة، لكن بالوسائل الملائمة برسالة أو نقد يصل إلى من يعنيهم الأمر ،دون التشهير أو جلد المقاومة إذا إخترقها العدو ،فالمقاومون بشر وليسوا ملائكة وحقها على اللبنانيين أن يحموها كما تحميهم وحقنا عليها أن تحاسب دون مواربة أو مجاملة وطرد من يلوثها ، لأنها إن تراخت فهي تتعدى علينا فنحن والمقاومة جسد واحد وكلنا مسؤولون أمامها وكلنا مسؤولون عنها وليست المقاومة حالة نخبوية فوق رؤوسنا ،فهي الحاجة أم حسين وأبو علي والمثقف والفلاح ولولا طيبة وفطرة وصدق أهلنا وإيمانهم لما كانت مقاومة ...فالمال لا يصنع شهداء ومقاومين بل تجاراً ومقاولين.